للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كُلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً لي من كُلِّ شرٍّ". خرَّجه مسلم (١). وفي "الترمذي" (٢) عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه سئل: أيُّ النَّاس خَيْر؟ قال: "مَن طال عُمُره وحسُنَ عملُه". قيل: فأيُّ النَّاس شَرٌّ؟ قال: "مَن طال عُمُرُه وساء عَمَلُهُ".

وفي "المسند" (٣) وغيره أنَّ نفرًا [من بني عَذْرَةَ] ثلاثةً قدِموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأَسْلَموا، فكانوا عند طلحة، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثًا، فخرج فيه (٤) أحدُهُم فاستُشهد، ثم بَعَثَ بَعْثًا آخَرَ، فخرج آخرُ منهم فاستُشهِد، ثم مات الثالث على فِراشِه. قال طلحة: فرأيتُهم في الجنَّة، فرأيتُ الميِّتَ على فراشِه أمامَهم، ورأيتُ الذي استُشهِد آخِرًا يليه، ورأيتُ الذي استُشهِد أوَّلَهُمْ آخِرَهُمْ. فأتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فذكَرْتُ ذلك له، فقال: وما أنكرْتَ من ذلك؟ ليس [أحدٌ] أفضلَ عند الله عزَّ وجلَّ من مؤمنٍ يُعَمَّرُ في الإِسلام لتسبيحه وتكبيره وتهليله.

وفي رواية (٥)، قال: أليس قد مكثَ هذا بعدَه سنةً؟ قالوا: بلى، قال: وأدرك رمضانَ فصامَه؟ قالوا: بلى. قال: وصلَّى كذا وكذا سَجْدَةً في السَّنة؟ قالوا: بلى. قال: فلما (٦) بينَهما أبعدُ ما بينَ السَّماء والأرض. قيل لبعض السَّلف: طاب الموت. قال: لا تفعل، لَساعةٌ تعيش فيها تستغفِرُ الله خيرٌ لك من موت الدَّهر. وقيل لشيخ كبير منهم: تحبُّ الموت؟ قال: لا.

قيل: ولِمَ؟ قال: ذهب الشباب وشرُّه، وجاء الكِبَرُ وخيرُه؛ فإذا قمْتُ قلْتُ:


(١) رقم (٢٧٢٠) (٧١) في الذكر والدعاء: باب التعوذ من شر ما عمل، ومن شر ما لم يعمل.
(٢) رقم (٢٣٣٠) في الزهد، باب رقم ٢٢، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وأخرجه المنذري في "الترغيب" ٤/ ٢٥٤ وقال: "رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، والطبراني بإسناد صحيح والحاكم والبيهقي في الزهد وغيره". ورواه أحمد في "المسند" ٥/ ٤٠، ٤٣، ٤٧، ٤٨، ٤٩، ٥٠.
(٣) مسند أحمد ١/ ١٦٣ والزيادة منه، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ١٠/ ٢٠٤ وقال: "قلت: لطلحة حديث رواه ابن ماجه في التعبير غير هذا" ثم قال: "رواه أحمد فوصل بعضه وأرسل أوله، ورواه أبو يعلى والبزار فقالا: عن عبد الله بن شداد عن طلحة، فوصلاه بنحوه، ورجالهم رجال الصحيح". وأخرجه المنذري في "الترغيب" ٤/ ٢٥٥.
(٤) في ب، ط: "فيهم".
(٥) رواه ابن ماجه رقم (٣٩٢٥) في الرؤيا: باب تعبير الرؤيا. وفي زوائد البوصيري: رجال إسناده ثقات، إلا أنه منقطع.
(٦) في سنن ابن ماجه: "فما بينهما أبعد مما .. ".

<<  <   >  >>