للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بترابِها ما خالطَه الماءُ، وهو طينُها، كما في صحيح البخاري، عن أنسٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال في الكوثر: "طينهُ المِسْكُ الأَذْفَرُ" (١).

وقد قيل في تأويل قوله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} (٢) أن المرادَ بالخِتام ما يبقَى في سُفْلِ الشرابِ من الثُّفْلِ (٣)، وهذا يدُلُّ على أن أنهارَها تجري على المِسْكِ، ولذلك يرسُبُ منه في الإِناءِ في آخرِ الشرابِ، كما يرسُبُ الطينُ في آنيةِ الماء في الدُّنيا.

الثالث: حَصْباءُ الجنَّةِ وأنَّه اللؤلؤ والياقوتُ، والحَصْباء: الحَصَى الصِغارُ، وهو الرَّضْرَاضُ (٤). وفي "المسند" عن أنس، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في ذكر الكوثر أن رَضْرَاضَهُ اللؤلؤ (٥). وفي روايةٍ: حَصْبَاؤه اللؤلؤ (٦). وفي الترمذي من حديثِ ابن عُمَرَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أن مَجراهُ على الدُّرِّ والياقوتِ (٧) ".

وفي الطَّبَرَانيّ من حديثِ عبد الله بن عمرو، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "حالُهُ المِسْكُ الأبيضُ، ورَضْرَاضُه الجوهرُ، وحَصْبَاؤه اللؤلؤ" (٨). وفي "المسند" من حديث ابن مسعودٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "حالُهُ المِسْكُ، ورَضْرَاضُه التُّوَم" (٩)، والتُّومُ: الجَوْهَرُ، والحال: الطّين. قال أبو العالية: قرأتُ في بعض الكتبِ: يا معشرَ الرَّبَّانيينَ مِن أمَّةِ محمدٍ، انتدِبُوا (١٠) لدارٍ أرضُها زَبَرْجَدٌ أخضَرُ، تجري عليها أنهارُ الجنَّةِ، فيها الدُّرُّ واللؤلؤ والياقوت، وسورُها زَبَرْجَدٌ أخضَرُ متدلّيًا عليها أشجارُ الجنَّةِ بثمارِها.

الرابع: ترابُ الجنَّةِ، وأنَّه الزَّعْفَرانُ، وقد سبق في رواية أخرى: الزَّعْفَرانُ والوَرْسُ (١١). وقد قيل: إن المرادَ بالتراب ها هنا تُربةُ الأرضِ التي لا ماءَ عليها. فأمَّا


(١) رواه البخاري رقم (٦٥٨١) في الرقاق: باب في الحوض.
(٢) سورة المطففين الآية ٢٦.
(٣) الثُّفْلُ: ما سفل من كل شيء، وما رسب.
(٤) مضى تفسير كلمة "الرَّضراض" قبل قليل.
(٥) رواه أحمد في "المسند" ٣/ ٢٣١ - ٢٣٢.
(٦) هي في "المسند" ٢/ ٣٠٥ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٧) قطعة من حديث رواه الترمذي رقم (٣٣٦١) في التفسير: باب ومن سورة الكوثر.
(٨) لم أقف عليه بهذا اللفظ.
(٩) قطعة من حديث رواه أحمد في "المسند" ١/ ٣٩٨ - ٣٩٩، وذكره بنحوه الهيثمي في "مجمع الزوائد" ١٠/ ٦١ - ٦٢ من حديث ابن مسعود، وعزاه لأحمد في "المسند"، والبزار، والطبراني، وقال في آخره: وفي أسانيدهم كلهم عثمان بن عمير، وهو ضعيف.
(١٠) انتدبوا: أجيبوا وسارعوا.
(١١) الوَرْس: نبتٌ أصفر يصبغ به.

<<  <   >  >>