وعقيدتين متناقضتين على هذه الأرض أرض فلسطين، وقد كان ظني في ذلك اليوم أن اليهود دخلوا هذه الأرض على حين غفلة من أهلها دخول اللص في غيبة أهل البيت ويوم يتيقظ أصحاب المكان فلابد من طرد اللص، واليوم اعترف بخطئي وقصور نظري فما كنت أتصور أن للإعلام والدعاية هذه القوة الجبارة في تبديل العقائد وقلب الحقائق والموازين ما كنت أتصور مطلقاً أنه بالإعلام والدعاية يصدق الناس أن الذئب يصبح حملاً وأن اللص يضحى صاحب الحق، وإن سفاكاً وقاتلاً للنساء والأطفال مثل بيجن يمسي شريفاً ومناضلاً وما كنت أتصور أن أياً من الناس يصدق ذلك، ولكنني اكتشفت أخيراً خطئي وعلمت يقيناً أن الإعلام والدعاية هو سلاح العصر الرهيب وأن أثره لا تعدله القنابل الذرية ولا أسلحة الدمار والفتك.
* الإعلام هذا السلاح الرهيب الذي يستطيع تبديل الحقائق في عيون الناظرين وقلب الموازين، وإزالة العقائد الراسخة، وتغيير الأديان والأخلاق، وتبديل الأنظمة والقوانين، هذا الإعلام سلاح الحرب الباردة الخطير الذي يمهد العقول والقلوب لقبول الأعداء ليكونوا حلفاء وأصدقاء، والذي يستطيع إشعال نار العداء والبغضاء بين الأهل والإخوان والأصدقاء أنه باختصار أقوى سلاح العصر على الإطلاق هذا الإعلام لا تملك الشعوب في دولنا الإسلامية منه إلا وسائل تافهة لا تستطيع بها مقاومة أي غزو فكري أو عقائدي وأما وسائله الفعالة فهي بيد السلطات الحاكمة تسخره كيف شاءت، وتصيغ به عقول الناس فتبدل به العقائد والأفكار والأديان والأخلاق، وتستطيع به أيضاً إزالة التراث وتبديل التاريخ وتدمير الإنسان.