للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا "أَفْعُل".

ولقائل أن يقول: هذا القسم والذي قبله راجعان إلى القسم الأول؛ لأنه يعرف القلب فيهما بأصلهما، وهو: الرِّئْم، والدار، واليأس١.

ويمكن أن يجاب عنه بأن معرفتها بأصلها لا يمنع معرفتها بصحة حروف علته وبقلة استعماله؛ لأن المعرف ههنا أمارة، ويجوز اجتماع أمارات كثيرة على شيء واحد٢.

وخامسها: أنه يعرف القلب بأن عدم القلب يؤدي إلى الجمع بين همزتين عند الخليل وأتباعه٣ وهو غير جائز، نحو "جاء"؛ فإنه اسم فاعل، وأصله: جائي، بلا خلاف؛ لأنه من المجيء، فلو بقيت الياء التي بعد الألف غير مقلوبة٤؛ أي: غير منقولة اللام إلى


١ قال الرضي: "ويصح أن يقال: إن جميع ما ذكر من المقلوبات يعرف بأصله، وكذا أَيِسَ يَأيَسُ باليَأسِ، وآرام وآدُر بِرِئم وَدَارٍ فإن ثبت لغتان بمعنًى يِتَوَهَّم فيهما القلب، ولكل واحد منهما أصل، كجَذَب جَذْبَاً، وجَبَذ جَبْذاً، لم يحكم بكون إحداهما مقلوبة عن الأخرى. ولا يلزم كون المقلوب قليل الاستعمال، بل قد يكون كثيراً كالحادي والجاه، وقد يكون مَرْفُوض الأصل كالقِسِيّ؛ فإن أصله -أعني القووس- غير مستعمل". "شرح الشافية: ١/ ٢٤".
٢ وهذا الجواب نقلة الجاربردي في شرح الشافية، يقول: "ورجوع هذه الأقسام -غير الأول- إلى الأول,
بناء على أنه يمكن البيان في الكل والأصل, لا يضر لجواز اجتماع دلائل كثيرة على مدلول واحد". شرح الشافية "مجموعة الشافية: ١/ ٢٣, ٢٤". ونقله أيضا الشيخ زكريا الأنصاري في: مناهج الكافية في شرح الشافية بهامش شرح النقرة كار "المصدر السابق: ٢/ ١١".
٣ أي: إن الخليل يعرف القلب بهذا ويحكم به، وهو أن يؤدي تركه إلى اجتماع همزتين. "ينظر الكتاب: ٤/ ٣٧٦, ٣٧٧".
٤ والقلب في هذا الموضوع عندهم قياس. ومثل "جاء" في ذلك: "سواء" وهي جمع "سائية"، مؤنث ساء، اسم فاعل من قولهم: ساءه سوءا وسواء وسواءة وسواية وسوائية ومسائية -على القلب- أي: فعل به ما يكره. "ينظر شرح الشافية، للرضي: ١/ ٢٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>