للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"٤٥"

............................. ... تَقِ الله فينا والكتاب الذي تتلو١

لأنه إذا حذف من "يَتَقِي" حرف المضارعة يبقى "تَقِي"، فحذف الياء لأجل الأمر، فصار "تَقِ".

وليس تَخِذ محذوفا من اتَّخَذ يتَّخِذ بل هو أصل، ولأجل أنه أصل غير محذوف منه شيء قيل في الأمر منه: اتخذ, وفي الماضي منه مع ضمير المتكلم: تَخِذْتُ.

نعم، لو قيل في مضارعه: يَتَخِذ -بحركة التاء المخففة- لكان من باب يَتَقِي، وكان الأمر منه: تَخِذْ.

وقد جاء: استَخِذْ، في: استَتْخِذْ، بمعنى: اتَخِذْ بحذف التاء الثانية.


١ هذا عجز بيت من الطويل، وصدره:
زيادتنا نعمان لا تنسَيَنَّها
والبيت من قصيدة لعبد الله بن همام السَّلُولي خاطب بها النعمان بن بَشير الأنصاري، وكان أميراً على الكوفة في مدة معاوية، وكان معاوية قد زاد ناساً في عَطَائهم عشرة فأنفدها النعمان وترك بعضهم؛ لأنهم جاءوا بكتب بعدما فرغ من الجملة، وكان ابن همام ممن تخلف، فكلمه فأبى عليه، فقال ابن همام هذه القصيدة يرقّقه فيها، ويتشفع بالأنصار ويمدح معاوية. "ينظر شرح شواهد الشافية: ٤٩٦".
وقد أنشده ابن الحاجب في الشافية شاهدا على أن "تَقِ" أمر من "يَتَقِي" بفتح التاء المخففة، وماضيه تَقَى. وأصلهما: اتّقى يتّقي بالتشديد. والأصل: اوتقى يوتقي؛ فقلبت الواو في الأولى ياء لانكسار ما قبلها، ثم أبدلت تاء وأدغمت, وأبدلت في الثانية تاء وأدغمت. فلما كثر الاستعمال كذا حذفوا التاء الساكنة منهما, وهي فاء الفعل، فصار تَقَى يَتَقِي, بتخفيف التاء المفتوحة, وحذفوا الهمزة من الماضي لعدم الحاجة إليها فصار: تَقَى ووزنه: تَعَل. فأخذ الأمر وهو "تَقِ" من "يَتَقِ" بدون همزة وصل؛ لأن ما بعد حرف المضارعة محرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>