للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضده الطيش والعجلة والحدة والتسرع وعدم الثبات، وينبغي له أن يكون ذا أناة "أي: تؤدة وتأن"؛ لئلا تؤدي عجلته إلى ما لا ينبغي، وأن يكون ذا فطنة؛ لئلا يخدعه بعض الخصوم، وأن يكون عفيفا "أي: كافا نفسه عن الحرام"، وأن يكون بصيرًا بأحكام من قبله من القضاة، ويكون مجلسه في وسط البلد إذا أمكن؛ ليستوي أهل البلد في المضي إليه، ولا بأس بالقضاء في المسجد، وقد جاء عن عمر وعثمان وعلي أنهم كانوا يقضون في المسجد، ويجب على القاضي أن يعدل بين الخصمين في لحظه ومجلسه ودخولهما عليه، وروى أبو داود عن ابن الزبير؛ قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلمأن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم"؛ فوجب أن يعدل بينهما في مجلسه وفي ملاحظته لهما وكلامه لهما".

قال الإمام ابن القيم: "نهى عن رفع أحد الخصمين عن الآخر، وعن الإقبال عليه، وعن مشاورته والقيام له دون خصمه؛ لئلا يكون ذريعة إلى انكسار قلب الآخر وضعفه عن القيام بحجته وثقل لسانه بها، ولا يتنكر للخصوم؛ لما في التنكر لهم من إضعاف نفوسهم وكسر قلوبهم وإحراس ألسنتهم عن التكلم بحججهم".

ويحرم على القاضي أن يسار أحد الخصمين أو يلقنه حجته أو يضيفه أو يعلمه كيف يدعي؛ إلا أن يترك ما يلزمه في الدعوى.

وينبغي للقاضي أن يحضر مجلسه الفقهاء، وأن يشاورهم فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>