[باب في كتاب القاضي إلى القاضي والشهادة على الشهادة ورجوع الشهود]
كتاب القاضي إلى القاضي قد تدعو الحاجة إليه؛ فإن من له حق في غير بلده لا يمكنه إثياته والطلب به إلا عن طريق إثباته عند قاضي ذلك البلد والكتابة بذلك إليه؛ لاستكمال بقية الإجراءات الحكمية؛ إذ يتعذر السفر بالشهود، وربما كانوا معروفين في بلد دون بلد، فيتعذر إثبات الحق بدون كتاب القاضي إلى قاض آخر.
وقد أجمعت الأمة على قبول كتاب القاضي إلى القاضي لأثبات الحقوق وتنفيذها، وقد كتب سليمان عليه السلام إلى بلقيس، وكتب النبي محمد صلى الله عليه وسل إلى النجاسي وإلى قيصر وإلى كسرى يدعوهم إلى الإسلام، وكاتب صلى الله عليه وسل عماله وسعاته، فدل ذلك على مشروعية العمل به.
ويقبل في كل حق لآدمي، ولا يقبل في حدود الله؛ كحد الزنى وشرب الخمر؛ لأن حقوق الله تعالى مبنية على الستر والدرء بالشبهات.