لا يجوز في القرض، لكن لو أحال ببعض ما عليه من الدين، أو أحال على بعض ما له من الدين؛ جاز ذلك، ويبقى الزائد بحاله لصاحبه.
الشرط الثالث: رضى المحيل؛ لأن الحق عليه؛ فلا يلزمه أن يسدده عن طريق الحوالة، ولا يشترط رضى المحال عليه؛ كما لا يشترط أيضا رضى المحتال إذا أحيل على مليء غير مماطل، بل يجبر على قبول الحوالة، ومطالبة المحال عليه بحقه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء؛ فليتبع"، متفق عليه، وفي لفظ:"من أحيل على مليء، فليحتل"؛ أي: ليقبل الحوالة، والمليء هو القادر على الوفاء، الذي لا يعرف بمماطلة، فإن كان المحال عليه غير مليء؛ لم يلزم المحال قبول الحوالة عليه؛ لما في ذلك من الضرر عليه.
وبهذه المناسبة؛ فالنصيحة لمن عليهم حقوق للناس وعندهم المقدرة على تسديدها أن يبادروا بإبراء ذممهم بأدائها لأصحابها أو لمن أحيل عليهم بها، وأن لا يلطخوا سمعتهم بالمماطلة والمراوغة؛ فكثيرًا ما نسمع التظلمات من أصحاب الحقوق بسبب تأخير حقوقهم وتساهل المدينين بتسديدها من غير عذر شرعي، كما أننا كثيرًا ما نسمع مماطلة الأغنياء بتسديد الحوالات الموجهة إليهم، وإتعاب المحالين، حتى أصبحت الحوالة شبحا مخيفا، ينفر منها كثير من الناس؛ بسبب ظلم الناس.