ويصعب عليهم، فيدفعون المال للإبراء من ذلك، فلو وجد فيما صالح به عيبا؛ لم يستحق رده به، ولا يؤخذ بالشفعة؛ لأنه لا يعتقده عوضا عن شيء، وإن كذب أحد المتصالحين في الصلح عن الإنكار؛ كأن يكذب المدعي، فيدعي شيئا يعلم أنه ليس له، أو يكذب المنكر في إنكاره ما ادعي به عليه، وهو يعلم أنه عليه، ويعلم بكذب المنكر في إنكاره، إذا حصل شيء من هذا الكذب من جانب المدعي أو المنكر؛ فالصلح باطل في حق الكاذب منهما باطنا؛ لأنه عالم بالحق، قادر على إيصاله لمستحقه، وغير معتقد أنه محق في تصرفه؛ فما أخذه بموجب هذا الصلح حرام عليه؛ لأنه أخذه ظلما وعدمانا، لا عوضا عن حق يعلمه، وقد قال الله تعالى:{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} ، وإن كان هذا الصلح فيما يظهر للناس صحيح؛ لأنهم لا يعلمون باطن الحال، ولكن ذلك لا يغير من الحقيقة شيئا عند من لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء؛ فعلى المسلم أن يبتعد عن مثل هذا التصرف السيئ والاحتيال الباطل.
ومن مسائل الصلح عن الإنكار: أنه صالح عن المنكر أجنبي بغير أذنه؛ صح الصلح في ذلك؛ لأن الأجنبي يقصد بذلك إبراء المدعي عليه وقطع الخصومة عنه؛ فهو كما لو عنه دينه، لكن لا يطالبه بشيء مما دفع؛ لأنه لا يستحق الرجوع عليه به؛ لأنه متبرع.
ويصح الصلح عن الحق المجهول، سواء كان لكل منهما على الآخر أو كان لأحدهما، إذا كان هذا المجهول يتعذر علمه؛ كحساب