فإن باع ولم يؤذنه؛ فهو أحق به، وإن أذن في البيع وقال: لا غرض لي فيه؛ لم يكن له الطلب بعد البيع، وهذا مقتضى حكم الشرع، ولا معارض له بوجه، وهو الصواب المقطوع به" انتهى.
وهذا الذي قاله بن القيم من أن الشفعة تسقط بإسقاط صاحبها لها قبل البيع هو أحد القولين في المسألة، والقول الثاني وهو قول الجمهور: أنها لا تسقط بذلك، ولا يكون مجرد الإذن بالبيع مبطلاً لها، والله أعلم.
والشفعة حق شرعي، يجب احترامه، ويحرم التحيل لإسقاطه؛ لأن الشفعة شرعت لدفع الضرر عن الشريك، فإذا تحيل لإسقاطها؛ لحقه الضرر، وكان تعديا على حقه المشروع، قال الإمام أحمد رحمه الله: "لا يجوز شيء من الحيل في إبطالها ولا إبطال حق مسلم"، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل".
ومن الحيل التي تفعل لإسقاط الشفعة أن يظهر أنه وهب نصيبه لآخر، وهو في الحقيقة قد باعه عليه، ومن الحيل لإسقاط الشفعة أن يرفع الثمن في الظاهر حتى لا يتمكن الشريك من دفعه.