قال الإمام البغوي رحمه الله:"ذهب أهل العلم إلى أن ما أفسدت الماشية المرسلة بالنهار من مال الغير؛ فلا ضمان على ربها، وما أفسدته بالليل؛ ضمنه مالكها؛ لأن في العرف أن أصحاب الحوائط والبساتين يحفظونها بالنهار، وأصحاب المواشي يحفظونها بالليل، فمن خالف هذه العادة؛ كان خارجا عن العرف، هذا إذا لم يكن مالك الدابة معها، فإن كان معها؛ فعليه ضمان ما أفسدته" انتهى.
وقد ذكر الله قصة داود وسليمان وحكمهما في ذلك، فقال سبحانه:{وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْما} .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "صح بنص القرآن الثناء على سليمان بتفهيم الضمان بالمثل؛ فإن النفش رعي الغنم ليلاً، وكان ببستان عنب، فحكم داود بقيمة المتلف، فاتبر الغنم، فوجدها بقدر القيمة، فدفعها إلى أصحاب الحرث، وقضى سليمان بالضمان على أصحاب الغنم، وأن يضمنوا ذلك بالمثل؛ بأن يعمروا البستان حتى يعود كما كان، ولم يضيع عليهم مغلَّه من حين الإتلاف إلى حين العَود، بل أعطى أصحاب البستان ماشية أولئك؛ ليأخذوا من نمائها بقدر نماء البستان، فيستوفوا من نماء غنمه نظير ما فاتهم من نماء حرثهم، واعتبر الضمانين