وكم تعاني المجتمعات التي تمنع الطلاق من الويلات والمفاسد والانتحارات وفساد الأسر؛ العظيم أباح الطلاق ووضع له ضوابط تحقق بها المصلحة وتندفع بها المفسدة شأنه في كل تشريعاته العظيمة المشتملة على المصالح العاجلة والآجلة، فالحمد لله على فضله وإحسانه.
وأما من يصح منه إيقاع الطلاق؛ فهو الزوج المميز المختار الذي يعقله، أو وكيله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"إنما الطلاق لمن أخذ بالساق".
وأما من زال عقله وهو معذور في ذلك؛ كالمجنون، والمغمى عليه، والنائم، ومن أصابه مرض أزال شعوره؛ كالبرسام، ومن أكره على شرب مسكر، أو أخذ بنجاً ونحوه لتداو؛ فكل هؤلاء لا يقع طلاقهم إذا تلفظوا به في حال زوال العقل بسبب من هذه الأسباب؛ لق ول على رضي الله عنه:"كل الطلاق جائز؛ إلا طلاق المعتوه"، ذكره البخاري في "صحيحه"، ولأن العقل هو مناط الأحكام.
وأما إن زال عقله بتعاطيه مسكرًا، وكان ذلك باختياره، ثم طلق في هذه الحال؛ ففي وقوع طلاقه خلاف بين أهل العلم على قولين: أحدهما: أنه يقع، وهو قول الأئمة الأربعة وجمع من أهل العلم.
وإن أكره على الطلاق ظلماً، فطلق لرفع الإكراه والظلم؛ لم يقع