فدل الحديث على أن دية الخطأ على العاقلة، وقد أجمعوا على ذلك.
والحكمة في ذلك والله أعلم: أن إيجاب الدية في مال المخطئ فيه ضرر عظيم في غير ذنب تعمده، والخطأ يكثر وقوعه؛ ففي تحميله ضمان خطئه إجحاف بماله، ولا بد من إيجاب بدل للمقتول؛ لأنه نفس محترمة، وفي إهدار دمه ضرر بورثته، لا سيما عائلته؛ فالشارع الحكيم أوجب على من عليهم موالاة القاتل ونصرته أن يعينوه على ذلك، وذلك كإيجاب النفقات، وفكاك الأسر، ولأن العاقلة يرثون المعقول عنه لو مات في الجملة؛ فهم يتحملون عنه جنايته الخطأ من قبيل: "الغنم بالغرم".
وحمل القاتل الكفارة لأمور:
أولاً: احترام النفس الذاهبة.
ثانيا: لكون القتل لا يخلو من تفريطه.
ثالثا: لئلا يخلو القاتل من تحمل شيء حيث لم يحمل من الدية.
فكان في جعل الدية على العاقلة والكفارة على القاتل عدة حكم ومصالح؛ فسبحان الحكيم العليم، الذي شرع للناس ما يصلحهم وينفعهم في دينهم ودنياهم.