للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا إذا كان المأمور مكلفا "أي: بالغا عاقلاً"، لكنه يجهل تحريم القتل؛ كمن نشأ بغير بلاد الإسلام، فيجب القصاص على الآمر؛ لتعذره في حق المأمور؛ لجهله، فيكون على المتسبب به.

وأما إن كان المأمور بالغا عاقلاً لا يجهل التحريم؛ فإنه يجب القصاص عليه؛ لمباشرته القتل بغير حق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"، سواء كان الآمر سلطانا أو سيدًا أو غير ذلك، ويكون على الآمر في هذه الحالة التعزير بما يراه الإمام؛ لأنه ارتكب معصية، وليرتدع عن ذلك.

وإذا اشترك اثنان في قتل شخص عمدًا عدوانا، وكان أحدهما لا تتوفر فيه شروط وجوب القصاص، والآخر تتوفر فيه؛ وجب القصاص على من تتوفر فيه الشروط منهما؛ لأنه شارك في القتل العمد العدوان، وامتنع القصاص في حق شريكه لمعنى فيه، لا لقصور في سبب القصاص؛ فيجب على من لا مانع به منه، ومن أمسك إنسانا لآخر حتى قتله؛ قتل قاتل وحبس ممسك حتى يموت.

وكما يقتص للواحد من الجماعة في النفس؛ فإنه يقتص له منهم في الطرف والجراح، فإذا قطع جماعة طرفا أو جرحوا جرحا يوجب القود، ولم تتميز أفعال بعضهم عن بعض، كما لو وضعوا حديدة على يد شخص، وتحاملوا عليها حتى انقطعت اليد، وجب قطع أيديهم جميعا؛ لما روي عن علي رضي الله عنه؛ أنه شهد عنده شاهدان على رجل بسرقة، فقطع يده، ثم جاءا بآخر، وقالا: هذا السارق، وأخطأنا في

<<  <  ج: ص:  >  >>