فإن كانت الجناية التي تلف بسببها المجني عليه عمدًا محضا؛ فإن الدية تجب كلها في مال الجاني حالة؛ لأن الأصل يقتضي أن بدل المتلف يجب على متلفه.
قال الموفق ابن قدامة:"أجمع أهل العلم على أن دية العمد تجب في مال القاتل، لا تحملها العاقلة، وهذا يقتضيه الأصل، قال تعالى:{وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} انتهى.
وإنما خولف هذا الأصل في دية الخطأ لكثرة الخطأ؛ فإن جنايات الخطأ تكثر، ودية الآدمي كثيرة؛ فإيجابها على الجاني في ماله يجحف به، فاقتضت الحكمة إيجابها على العاقلة على سبيل المواساة للقاتل تخفيفا عنه؛ لأنه معذور، والعامد لا عذر له؛ فلا يستحق التخفيف عنهن ولأنه قد وجب عليه القصاص، فإذا عفي عنه؛ فإنه تحمل الدية؛ فداء نفسه، وتجب عليه الدية حالة كسائر بدل المتلفات.
وأما دية القتل شبه العمد ودية القتل الخطأ؛ فإنهما يكونان على عاقلة القاتل؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية المرأة على عاقلتها"، متفق عليه، فدل الحديث على أن دية شبه العمد تتحملها عاقلة القاتل.
وأما دية الخطأ؛ فقال ابن المنذر: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل