وروي أن سويد بن الصامت قتل رجلاً، فأوجب النبي صلى الله عليه وسلم عليه القود، ولم يوجب كفارة، وعمرو بن أمية الضمري قتل رجلين عمدًا، فوداهما النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يوجب عليه كفارة، ولأن الكفارة وجبت في الخطأ لتمحو إثمه؛ لكونه لا يخلو من تفريط؛ فلا تلزم في موضع عظم الإثم فيه؛ بحيث لا يرتفع بها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"لا كفارة في قتل العمد، ولا في اليمين الغموس، وليس ذلك تخفيفا عن مرتكبها".
وذكر موفق الدين بن قدامة وغيرة:"أن القتل الخطأ لا يوصف بتحريم ولا إباحة؛ لأنه كقتل المجنون، لكن النفس الذاهبة به معصومة محرمة؛ فلذلك وجبت الكفار فيها ... " انتهى.
ومعناه: أن الحكمة في تشريع الكفارة في القتل الخطأ ترجع إلى أمرين:
الأمر الأول: أن الخطأ لا يخلو من تفريط من القاتل.
الأمر الثاني: النظر إلى حرمة النفس الذاهبة به.
وأما العمد؛ فلا تجب فيه الكفارة؛ لأن إثمه لا يرفع بالكفارة؛ لعظمه وشدته، لكن القاتل عمدًا إذا تاب إلى الله تعالى، ومكن من نفسه؛ ليقتص منه؛ فإن ذلك يخفف عنه الإثم، فيسقط عنه حق الله بالتوبة، وحق الأولياء بالقصاص أو العفو عنه، ويبقى حق القتيل يرضيه الله بما