فالجرائم لا يحسمها ويقي المجتمع من شرها إلا إقامة الحدود الشرعية على مرتكبيها، وأما أخذ الغرامة المالية منهم وسجنهم وما أشبه ذلك من العقوبات الوضعية؛ فهو ضياع وظلم وزيادة شر.
قال فقهاؤنا رحمهم الله: إن الجنايات التي تجب فيها الحدود خمس؛ هي: الزنى، والسرقة، وقطع الطريق، وشرب الخمر، والقذف، وما عدا ذلك؛ يجب فيه التعزير؛ كما يأتي بيانه إن شاء الله.
وقالوا: أشد الجلد في الجدود جلد الزنى، ثم جلد القذف، ثم جلد الشرب، ثم جلد التعزير؛ لأن الله تعالى خص الزنى بمزيد تأكيد؛ لقوله:{وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} ، وما دونه أخف منه في العدد؛ فلا يجوز أن يزيد عليه في الصفة.
وقالوا: من مات في حد؛ فهو هدر، ولا شيء علة من حده؛ لأنه أتى به على الوجه المشروع بأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
أما لو تعدى الوجه المشروع في إقامة الحد، ثم تلف المحدود؛ فإنه يضمنه بديته؛ لأنه تلف بعدوانه، فأشبه ما لو ضربه في غير الحد.