للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: بل يلزمه سؤال الأفضل١.

وقد أومأ إليه الخرقي فقال: "إذا اختلف اجتهاد رجلين اتبع الأعمى أوثقهما في نفسه"٢.

والأولى أولى؛ لما ذكرنا من الإجماع.

وقول الخرقي يحمل على ما إذا سألهما فاختلفا، وأفتاه كل واحد بخلاف قول صاحبه، فحينئذ يلزمه الأخذ بقول الأفضل في علمه ودينه.

وفيه وجه آخر: أنه يتخير، لما ذكرناه من الإجماع٣.

ولأن العامّي لا يعلم الأفضل حقيقة، بل يغتر بالظواهر، وربما يقدم المفضول؛ فإن لمعرفة مراتب الفضل أدلة غامضة ليس دركها شأن العوامّ.


١ وضحه الطوفي فقال: "يكفي المقلد سؤال بعض مجتهدي البلد، يعني: سؤال من شاء منهم، ولا يلزمه سؤال جميعهم، وفي وجوب تخير الأفضل، أي: هل يجب عليه أن يتخير أفضل المجتهدين فيستفتيه؟ فيه قولان:
ثم ساق أدلة القائلين بعدم وجوب تخير الأفضل فقال:
أحدهما: أن الصحابة أجمعوا على تسويغ سؤال مقلديهم الفاضل والمفضول، أي: أجمعوا على أن للمستفتي أن يقلد فاضلهم ومفضولهم، وذلك ينفي وجوب تخير الأفضل، وإلا كان إجماع الصحابة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم- خطأ، وهو باطل.
الوجه الثاني: أن الفضل قدر مشترك بين الفاضل والأفضل، فليكف في جواز التقليد، ولا عبرة بخاصية الأفضلية.
قلت: ولأن الناس متفاوتون في رتبة الفضائل فما من فاضل إلا وثَمَّ من هو أفضل منه بدليل قوله – عَزَّ وَجَلََََّّّّ: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: من الآية: ٧٦] ، فلو اعتبر الأفضل لانسد باب الاجتهاد". انظر: شرح المختصر "٣/ ٦٦٦-٣٦٧".
٢ انظر: المختصر مع المغني "٢/ ١٠٩"
٣ هذا تكرار لما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>