للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو جاز ذلك:

جاز له النظر في المسألة ابتداءً.

ووجه القول الأول١:

أن أحد القولين خطأ، وقد تعارض عنده دليلان، فيلزمه الأخذ بأرجحهما، كالمجتهد يلزمه الأخذ بأرجح الدليلين المتعارضين٢.

ولأن من اعتقد أن الصواب في أحد القولين لا ينبغي له أن يأخذ بالتشهي، وينتقي ٣ من المذاهب أطيبها، ويتوسع، ويعرف الأفضل بالأخبار، وبإذعان المفضول له، وتقديمه له، وبأمارات تفيد غلبة الظن دون البحث عن نفس علمه، والعامّي أهل لذلك.

والإجماع محمول على ما إذا لم يسألهما؛ إذ لم ينقل إلا ذلك.

فأما إن استوى عنده المفتيان: جاز له الأخذ بقول من شاء منهما؛ لأنه ليس قول بعضهم أولى من البعض.

وقد رجح قوم القول الأشد؛ لأن الحق ثقيل.

ورجح الآخرون الأخف؛ لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-بعث بالحنيفية السمحة٤.


١ أي: لزوم البحث عن الأفضل وسؤاله.
٢ وضحه الشيخ الطوفي فقال: "احتج المثبت لوجوب تخير الأفضل بأن الظن الحاصل من قول الأفضل أغلب، فيكون واجبًا، أما الأولى فظاهرة، وأما الثانية: فبناء على أن الأصل اعتبار العلم، وإنما سقط في الشرعيات لتعذره، فوجب الظن الأقرب إلى العلم"، شرح مختصر الروضة "٣/ ٦٦٧".
٣ في الأصل "ينتقد" والمثبت في المستصفى "٤/ ١٥٤".
٤ روى البخاري وأحمد وغيرهما أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-قال: "بعثت بالحنيفية السمحة السهلة ... " انظر: صحيح البخاري مع الفتح "١/ ٨٦، ٨٧" مسند الإمام أحمد "١/ ٢٣٦، ٥/ ٢٢٦، ٦/ ١١٦، ٢٣٣" فيض القدير "٣/ ٢٠٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>