للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه صرح بضد ذلك، فلم يبق إلا أنه أوجب موسعًا.

وقد عهدنا من الشارع تسمية هذا القسم واجبًا، بدليل أن الصلاة تجب في أول الوقت١.

وكذلك انعقد الإجماع على أنه يثاب ثواب الفرض، وتلزمه نيته٢، ولو كانت نفلًا لأجزأت نية النفل، بل لاستحالت نية الفرض من العالِمِ كونها نفلًا؛ إذ النية قصد يتبع العلم.

فإن قيل٣: الواجب ما يعاقب على تركه، والصلاة إن أضيفت إلى


١ هذا هو الدليل الشرعي، وهو: أن الصلاة تجب في أول الوقت وجوبًا موسعًا والأدلة على ذلك كثيرة، منها قوله تعالى في سورة الإسراء من الآية ٧٨: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْل} وقوله تعالى في سورة طه من الآية ١٣٠: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} وروي أن الله -تعالى- لما فرض الصلاة أرسل جبريل -عليه السلام- ليعلّم النبي -صلى الله عليه وسلام- كيفية الصلاة وأوقاتها، فأم جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم- وصلى به الصلاة في أول يوم في أول الوقت، وفي اليوم الثاني صلاها في آخر الوقت، ثم قال له: "الوقت ما بين هذين" وهو حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه "١/ ١٠١" وأبو داود في سننه "١/ ١٦١"، وأحمد في مسنده "١/ ٣٣٣" والنسائي في سننه "١/ ٢٦٢".
قال البخاري: "هو أصح شيء في المواقيت".
وإذا كان الحديث قد قيد الوجوب بجميع الوقت، وهو صريح في هذا، فتخصيصه ببعض الأوقات دون البعض، تخصيص بلا دليل.
٢ هذا هو الدليل الثالث للجمهور، وهو: أن الإجماع منعقد على أن من أدى الصلاة في أول وقتها أثيب عليها ثواب الفرض، وتلزمه النية، إذ النية تابعة لعلم المكلف وقصده، ولذلك يقول الآمدي في الإحكام "جـ١ ص١٠٨" "أجمع السلف على أن من فعل الصلاة في أول الوقت ومات، أنه أدى فرض الله عليه".
٣ هذا دليل من أدلة المنكرين للواجب الموسع، أورده المصنف في صورة اعتراض وأجاب عليه بما قاله -بعد- من أن القسمة ثلاثية، مندوب، وواجب مضيق، =

<<  <  ج: ص:  >  >>