للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخر الوقت فيعاقب على تركها، فتكون واجبه حينئذ، وإن أضيقت إلى أوله، فخيّر بين فعلها وتركها، وفعلها خير من تركها، وهذا حد الندب.

وإنما أثيب ثواب الفرض ولزمته نيته؛ لأن مآله إلى الفرضية، فهو كمعجّل الزكاة، والجامع بين الصلاتين في وقت أولاهما.

قلنا: الأقسام ثلاثة:

قسم: لا يعاقب على تركه مطلقًا، وهو: المندوب.

وقسم: يعاقب على تركه مطلقًا، وهو الواجب المضيق.

وقسم: يعاقب على تركه بالإضافة إلى مجموع الوقت، ولا يعاقب بالإضافة إلى بعض أجزاء الوقت، وهذا القسم ثالث، يفتقر إلى عبارة ثالثة، وحقيقته لا تعدو "الواجب، والندب" وأولى عباراته: "الواجب الموسع".

قالوا: ليس هذا قسمًا ثالثًا، بل هو بالإضافة إلى أول الوقت ندب، وبالإضافة إلى آخره واجب، بدليل أنه في أول الوقت يجوز تركه، دون آخره١.


وهذا القسم الثالث لا نستطيع أن نلحقه بالمندوب، لأن المندوب يجوز تركه مطلقًا، ولا نستطيع أن نلحقه بالواجب المضيق لأنه يخالفه، فلم يبق إلا أن نسميه باسم يختص به، وهو "الواجب" فهو واجب، لأن الشارع طلب فعله طلبًا جازمًا، وهو -أيضًا- موسع؛ لأن الشارع وسّع وقت الأداء، تيسيرًا على المكلفين، وما دام الشارع هو الذي رخص في ذلك فلا ينبغي المعارضة فيه، فلا اجتهاد مع النص، كما يقول العلماء.
١ خلاصة هذا الاعتراض: عدم التسليم بأن هذا قسم ثالث، بل هو داخل في القسمين، المندوب والواجب، فهو في أول الوقت ندب، لأنه يجوز تركه، وهذا هو الندب، وفي آخر الوقت واجب، لأنه لا يجوز تركه، وهذا هو حد الواجب.
وأجاب المصنف على هذا الاعتراض: بأن الندب يجوز تركه مطلقًا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>