أما أنه يجب العزم فدليلهم على ذلك: أنه لو لم يجب العزم عند عدم الإتيان بالفعل للزم ترك الواجب بلا بدل: وترك الواجب بلا بدل باطل، لأنه يجعل الواجب غير واجب، ضرورة أن الواجب هو: ما لا يجوز تركه بلا بدل، وغير الواجب يجوز تركه بلا بدل، فثبت بذلك أنه لا بد من العزم عند عدم الفعل وهو المدّعي. وأجاب الجمهور على ذلك: بأن العزم لا يصلح أن يكون بدلًا عن الواجب، لأنه لو صح أن يكون بدلًا لتأدى به الواجب، لأن بدل الشيء يقوم مقامه، والكل متفق على أن العزم هنا لا يقوم مقام الفعل، ولترتب على ذلك أن من أخر الصلاة عن أول الوقت مع الغفلة عن العزم يكون عاصيًا، لأنه ترك الواجب وبدله، ولم تتعرض النصوص الدالة على إيجاب الصلاة لشيء من ذلك، فإيجاب العزم زيادة على مقتضى الأمر الوارد بالصلاة. يضاف إلى ذلك: أنه لو عزم على الفعل في الجزء الأول من أجزاء الوقت، فهل يجب العزم في الجزء الثاني والثالث وهكذا أو لا؟ فإن قلنا: إنه لا يجب فقد ترك الواجب بلا بدل، ولزم على ذلك تخصيص جزء من الوقت بدون مخصص، حيث أوجبنا العزم في الجزء الأول، دون بقية الأجزاء. وإن قلنا: يجب تعدد العزم لزم على ذلك تعدد البدل، والمبدل منه واحد، وهذا لا يجوز، لأن البدل -دائما- تابع للأصل وهو المبدل منه. ثانيًا- اتجاه المنكرين للواجب الموسع: وتفرع عن هذا الاتجاه ثلاثة مذاهب: المذهب الأول: أن الوجوب يختص بأول الوقت، فإن فعل في آخره كان قضاء. =