للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن١ الأمر: اقتضاء جازم لا تخيير معه، وفي الندب تخيير، ولم يسم تاركه عاصيًا.

ولنا٢ أن الأمر: استدعاء وطلب، والمندوب مستدعًى ومطلوب، فيدخل في حقيقة الأمر. قال الله تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} ٣ وقال تعالى: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ} ٤. ومن ذلك ما هو مندوب.

ولأنه٦: شاع في ألسنة الفقهاء: أن الأمر ينقسم إلى أمر إيجاب وأمر استحباب.


= بالسواك، فلا يكون المندوب مأمورًا به. وقد أجاب المصنف على ذلك كما سيأتي.
١ هذا هو الدليل الثالث وخلاصته: أن الأمر طلب فعل جازم لا تخيير فيه، وتاركه يسمى عاصيًا، لقول الله تعالى -عن موسى عليه السلام لأخيه-: {أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} [طه: ٩٣] والمعنى: عصيتني بمخالفة أمري، والمندوب على عكس ذلك، فليس فيه طلب جازم، وإنما فيه تخيير بين الفعل والترك، كما أن تاركه لا يسمى عاصيًا، فدل ذلك على أن ليس مأمورًا به.
٢ من هنا سيبدأ المصنف في إيراد الأدلة على أن المندوب مأمور به.
٣ سورة النحل من الآية: ٩٠.
٤ سورة لقمان من الآية: ١٧.
٥ ومثلهما قوله تعالى في سورة الحج الآية: ٧٧: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .
ووجه الدلالة من هذه الآيات: أن من المأمور به ما هو واجب، ومنه ما هو مندوب، فمن الإحسان وإيتاء ذي القربى ما هو على سبيل الجزم، ومنه ما هو على سبيل الاستحباب والندب، وكذلك الأمر بالمعروف، وفعل الخير، فثبت بذلك: أن الأمر يطلق على المندوب، كما يطلق على الواجب، وهذا هو الدليل الأول.
٦ هذا هو الدليل الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>