للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنكر بعض المعتزلة ذلك؛ إذ معنى الإباحة: نفي الحرج عن الفعل والترك، وذلك ثابت قبل ورود السمع، فمعنى إباحة الشيء: تركه على ما كان قبل السمع.

قلنا١: الأفعال ثلاثة أقسام:

قسم صرح فيه الشرع بالتخيير بين فعله وتركه، فهذا خطاب، ولا معنى للحكم إلا الخطاب.

وقسم لم يرد فيه خطاب بالتخيير، لكن دل دليل السمع على نفي الحرج عن فعله وتركه، فقد عرف بدليل السمع، ولولا هو لعرف بدليل العقل نفي الحرج عنه، فهذا اجتمع عليه دليل العقل والسمع.

وقسم لم يتعرض الشرع له بدليل من أدلة السمع، فيحتمل أن يقال: قد دل السمع على أن ما لم يرد فيه طلب فعل ولا ترك، فالمكلف فيه مخير.

وهذا دليل على العموم فيما لا يتناهى من الأفعال، فلا يبقى فعل لا مدلول عليه سمعًا، فتكون إباحته من الشرع.

ويحتمل أن يقال: لا حكم له، والله أعلم.


= وبعضها حرامًا، وترك الواجب يقتضي استحقاق العقاب، كما أن فعل الحرام يستوجب العقاب أيضًا. فيؤدي ذلك في النهاية إلى إثبات أحكام شرعية، قبل البعثة وهو مخالف لمقتضى الآية الكريمة. انظر: "بيان المختصر للأصفاني جـ١ ص٢٨٧ وما بعدها".
١ بدأ المصنف يرد على المعتزلة الذين قالوا: إن الإباحة حكم عقلي، فبين أن المسألة فيها عدة احتمالات، وبعضها للعقل فيه مجال، إلا أنها في النهاية ترجع إلى الشرع، وهي -كما سبق- راجعة إلى مسألة الحسن، والقبح هل هما عقليان أو شرعيان؟

<<  <  ج: ص:  >  >>