٢ سورة يوسف من الآية: ٣٦. قال الطوفي -ردًّا على هذا الوجه-: "قلنا: الجواب من وجهين: أحدهما: لا نسلم أن المراد به المستقبل، بل معنى قوله: {مَا تُؤْمَرُ} افعل ما أمرت به، وضعا للمضارع موضع الماضي، وهو كثير في اللغة. الوجه الثاني: أن معنى قوله: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} أي: ما تؤمر به في الحال، استصحابًا لحال الأمر الماضى. وبيان ذلك: أن كل مأمور بفعل، فالأمر به متوجه إليه ما لم يفعله، استصحابًا لحال الأمر في آخر الوقت، فإبراهيم -عليه السلام- لما أمر في الليل بذبح ولده، ثم أصبح فأخبر ولده بذلك، فهو في حال إخباره ولده مأمور بما أمر به في الليل، بذبح ولده، لأن الأمر لم يسقط عنه بعد، فأمره بالذبح في الماضي مستصحب إلى حال إخباره ولده، وقوله: {مَا تُؤْمَرُ} أي: ما أنت مأمور به في الحال، بناء على استصحاب الأمر الماضي، والفعل المضارع يصلح للحال والاستقبال، وهو في الحال أظهر. وإذا حملنا قوله: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} على الحال، عملًا بظاهر لفظه، وبما ذكرناه من دليلنا، فلا استقبال فيه، وحينئذ يبطل قولكم: "إنه أخبر أنه سيؤمر بذبحه في المستقبل". ثم قال: ولو صح ما ذكرتموه من أن المراد به: سيؤمر بذبحه في المستقبل، إلا أنه أُمر به في الماضي، لما احتاج إلى الفداء؛ لأن الفداء يكون عن ترك مأمور وعلى قولكم: هو إلى الآن لم يؤمر بشيء، فضلًا عن أن يكون قد أُمر وترك، وأيضًا: لو صح ذلك لأمر به في المستقبل، لئلا يقع الخلف في خبر المعصوم، فلما لم يقع، دل على بطلان ما تأولوه" شرح مختصر الروضة "٢/ ٢٨٧، ٢٨٨".