للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشاعر١:

وإذا تكونُ كريهةً أُدْعَى لَها ... وَإذَا يُحاس الحيسُ يُدعى جُندب

وقولهم: "إنه يفضي إلى أن يكون الشيء مأمورًا منهيًّا" فلا يمتنع أن يكون مأمورا من وجه، منهيا عنه من وجه آخر، كما يؤمر بالصلاة مع الطهارة وينهى عنها مع الحدث.

كذا ههنا: يجوز أن يجعل بقاء حكمه شرطا في الأمر، فيقال: "افعل ما آمرك به، إن لم يزل حكم أمرنا عنك بالنهي".

فإن قيل:

فإذا علم الله -سبحانه- أنه سيُنهى عنه: فما معنى أمره بالشرط الذي يعلم انتفاءه قطعًا؟

قلنا: يصح إذا كان عاقبة الأمر ملتبسة على المأمور، لامتحانه


١ الشاعر هو: ضمرة بن ضمر بن جابر النهشلي، من بني دارم، شاعر جاهلي، من الشجعان الرؤساء، كان يقال له: "شقة بن ضمرة" فسماه النعمان "ضمرة" الأعلام "٣/ ٣١١".
والبيت من قصيدة له يشكو فيها من أهله أنهم يقدمون عليه أخًا له يسمى "جندبًا" مع أنه كان أبرّ بهم منه.
والحيس: تمر ينزع نواه ويدق مع أقط ويعجنان بالسمن، ثم يدلك باليد حتى يبقى كالثريد، وربما جعل معه سويق، وهو مصدر في الأصل، يقال: حاس الرجل حيسًا، من باب باع، إذا اتخذ ذلك. المصباح المنير "١/ ١٥٩".
ومعنى البيت: أنه إذا ألم بهم مكروه دعوا ضمرة لينقذهم منه، فإذا جاء موعد الطعام والأكل: دعوا أخاه جندبًا.
ومحل الشاهد من البيت: أنه عبر بالمستقبل عن الماضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>