للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعزم، والاشتغال بالاستعداد المانع له من أنواع اللهو والفساد، وربما يكون فيه لطيفة واستصلاح لخلقه.

ولهذا جوّزوا الوعد والوعيد بالشرط من العالم بعاقبة الأمور فقالوا: يجوز أن يَعِدَ الله -سبحانه- على الطاعة ثوابًا بشرط عدم ما يحبطها، وعلى المعصية عقابا بشرط عدم ما يكفرها من التوبة، والله -سبحانه- عالم بعاقبة أمره.

جواب ثان:

أنه يجوز أن يكون الشيء مأمورًا منهيًّا في حالين؛ إذ ليس المأمور حسنًا في عينه لوصف هو عليه قبل الأمر به، ولا المأمور مرادًا ليتناقض ذلك.

وقولهم: "إن الكلام قديم، فيكون أمرًا بالشيء ونهيًا عنه في حال واحد".


١ خلاصة هذا الرد من وجهين:
الوجه الأول: أن المعتزلة ينكرون ثبوت الأمر بالشرط، مع أنهم يجوّزون الوعد بالشرط من العالم بعواقب الأمور فقالوا: يجوز أن يعد الله -تعالى- بالثواب على الطاعة بشرط عدم وجود ما يحبطها كالردة، كما يجوز أن يوعد بالعقاب على المعصية بشرط عدم وجود ما يكفرها من التوبة، مع أن الله -تعالى- عالم بعاقبة أمر من يموت على الردة أو التوبة.
فإذا جاز ذلك عندكم فلا معنى للاعتراض.
الوجه الثاني: ما تقدم أكثر من مرة، من أنه لا مانع أن يكون الشيء مأمورًا به في وقت، ومنهيًّا عنه في وقت آخر.
وقوله: "إذ ليس المأمور حسنًا في عينه الخ" إشارة إلى ما يعتقده المعتزلة من أن حسن الأشياء وقبحها ذاتي لا ينفك عنها، وهذا التفسير هو الذي يترتب عليه التناقض، أما أهل السنة: فيرون أن حسن الأشياء وقبحها تابع لصفات قائمة بالمأمور، وليست ذاتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>