للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشتان بين من هو في طراوة البداية وبين من نشأ عليه بطول الألفة.

فإن قيل: إذا كانت العدالة لأمر باطن، وأصله الخوف، ولا يشاهد، بل يستدل عليه بما يغلب على الظن: فأصل ذلك الخوف: الإيمان، فإنه يدل على الخوف دلالة ظاهرة، فلنكتف به؟

قلنا: المشاهدة والتجربة دلت على أن فسّاق المسلمين أكثر من عدولهم فلا نشكك أنفسنا فيما عرفناه يقينًا.

ثم هلّا اكتفى به في شهادة العقوبات، وشهادة١ الأصل، وحال المفتي، وسائر ما سلّموه.

وأما قول العاقد: فهو مقبول رخصة مع ظهور فسقه، لمسيس الحاجة إلى المعاملات.

وأما الخبر عن نجاسة الماء وقلته، فلا نسلمه٢.


١ في الأصل "شاهد" وما نقلناه عن المستصفى.
٢ معناه: أن إخباره بنجاسة الماء وطهارته، وسائر الأمثلة التي ذكروها -غير مسلم، وإن سلّمنا بذلك، فلا تقاس عليه الرواية، لأن نجاسة الماء وطهارته، أحكام جزئية، ولا تعظم في قبولها منه، بخلاف الرواية، فإنها تثبت حكمًا شرعيًّا عامًّا، تعظم المفسدة بتقدير الكذب فيه.
ففرق بين من يقول: أنا متطهر، فصلوا خلفي، فلو فرض كذبه لترتب على ذلك فساد هذه الصلاة فقط، في واقع الأمر، مع أنها صحيحة في ظاهر الحكم.
أما من روي: أن مس الذكر لا ينقض الوضوء، فعلى تقدير كذبه يبطل صلاة كثير من الناس.
انظر في بيان ذلك: "شرح مختصر الروضة جـ٢ ص١٥٥، ١٥٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>