للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: إذا كانت العدالة هي: الإسلام من غير ظهور فسق، فقد عرف ذلك، فلم يجب التتبع١؟

وأما قبول النبي -صلى الله عليه وسلم- قول الأعرابي، فإن كونه أعرابيًّا لا يمنع كونه معلوم العدالة عنده إما بخبر عنده، أو تزكيته ممن عرف حاله، وإما بوحي، فمن سلم لكم أنه كان مجهولًا؟

وأما الصحابة: فإنما قبلوا قول أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وقول من عرفوا حاله ممن هو مشهود العدالة عندهم، وحيث جهلوا ردُّوا.

جواب ثان:

أن الصحابة -رضي الله عنهم- لا تعتبر معرفة ذلك فيهم؛ لأنه مجمع على عدالتهم بتزكية النص لهم، بخلاف غيرهم٢.

وأما الحديث العهد بالإسلام: فلا يسلم قبول قوله؛ لأنه قد يسلم الكاذب ويبقى على طبعه.

وإن سلمنا قبول روايته فذلك لطراوة إسلامه، وقرب عهده بالإسلام.


= تسمى فرعًا، على الشهادة حتي يعين الأصل الذي شهد على شهادته، فلو كان قول المجهول مقبولًا لم يحتج للتعيين.
١ هذا مبني على الخلاف في العدالة والفسق: هل هما بحسب نفس الأمر وباطنه فيما بين المكلف وبين ربه، أو بحسب ما يظهر من أفعاله وحركاته الدالة -عادة- على باطنه، أو بحسب علمنا بحاله: عدالة أو فسقًا.
فأهل العراق -من الحنفية- يقولون: العدالة عبارة عن إظهار الإسلام، مع سلامته عن فسق ظاهر، فكل مسلم مجهول الحال عندهم عدل.
أما الجمهور فيقولون: لا تعرف عدالته إلا بخبرة باطنة، والبحث عن سيرته وسريرته. انظر: "المستصفى جـ٢ ص٢٣٣".
٢ معناه: أن المجهول منهم عدل، بتزكية الشارع وتعديلهم جميعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>