للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه الرواية الأولى:

أن الظاهر من العدل الثقة: أنه لا يستجيز أن يخبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بقول، ويجزم به، إلا بعد أن يعلم ثقة ناقله وعدالته.

ولا يحل له إلزام الناس عبادة، أو تحليل حرام، أو تحريم مباح، بأمر مشكوك فيه، فيظهر أن عدالته مستقرة عنده، فهو بمنزلة قوله: "أخبرني فلان وهو ثقة عدل".

ولو شك في الحديث: ذكر من حدّثه؛ لتكون العهدة عليه دونه.

ولهذا قال إبراهيم النخعي٢: "إذا رويتُ عن عبد الله٣ وأسندت: فقد حدثني واحد عنه، وإذا أرسلت فقد حدثني جماعة عنه"٤.

وأما المجهول٥: فإن الرواية عنه ليست بتعديل له -في إحدى الروايتين-.


١ وهي: رواية قبول المرسل.
٢ هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، أحد أعلام التابعين، رأى جماعة من الصحابة، ولم يسمع منهم مباشرة، فكان يرسل عنهم، ومنهم عبد الله بن مسعود. مات بالكوفة سنة ٩٦هـ. "ميزان الاعتدال ١/ ٧٤".
٣ يقصد: عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- تقدمت ترجمته.
٤ أخرج هذا الأثر: البيهقي في سننه "١/ ٤٨" والدراقطني "٣/ ١٧٤".
٥ بعد أن ذكر أدلة الفريقين، بدأ يناقش أدلة المنكرين لحجية مراسيل غير الصحابة.
وخلاصة ما استدل به النافون للحجية: أن الواسطة المحذوفة في المرسل لا تعرف عينها، ومن لا تعرف عينه لم تعرف عدالته، ورواية مجهول العدالة مردودة -كما تقدم- ولأن شهادة الفرع لا تقبل على شهادة الأصل فكذلك الرواية، وافتراق الشهادة والرواية في بعض الأحكام لا يستلزم افتراقهما في هذا المعنى، كما أنه لا فرق بينهما في عدم قبول رواية المجروح والمجهول. =

<<  <  ج: ص:  >  >>