للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الأمة مجمعة على وجوب الصلوات الخمس، وسائر أركان الإسلام.

وكيف يمتنع تصوره؛ والأمة كلها متعبدة بالنصوص والأدلة القواطع، معرضون للعقاب بمخالفتها؟

وكما لا يمتنع اتفاقهم على الأكل والشرب: لا يمتنع اتفاقهم على أمر من أمور الدين.

وإذا جاز اتفاق اليهود -مع كثرتهم- على باطل: فلم لا يجوز اتفاق أهل الحق عليه١.


١ مسألة إمكان وقوع الإجماع للعلماء فيها ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: أنه يمكن انعقاده، بل ووقع فعلًا في كل العصور، وهو مذهب جمهور العلماء.
المذهب الثاني: أنه غير ممكن عادة، لا عقلًا، وهو رأي النظام وبعض الشيعة وبعض المعتزلة.
المذهب الثالث: أنه ممكن الوقوع باعتبار ذاته، ولكنه متعذر باعتبار نقله، وهو مروي عن الإمام أحمد، كما روي عنه إمكان ذلك ووقوعه في عصر الصحابة فقط، لإمكان الاطلاع عليه ونقله.
وقد استدل المصنف للمذهب الأول: بأن الإجماع قد وقع، والوقوع يستلزم الجواز، أي يدل عليه، ومثل لذلك بالإجماع على الصلوات الخمس وسائر أركان الإسلام، فإنه لا خلاف بين المسلمين في وجوب ذلك، وكيف يمتنع تصور ذلك والأمة كلها متعبدة باتباع النصوص والأدلة القاطعة، ومعرضون للعقاب إذا خالفوها.
فكما لا يمتنع اتفاقهم واجتماعهم على أمر من أمور الدنيا، كالأكل والشرب لا يمتنع اتفاقهم على أمر من أمور الدين، وإذا جاز اتفاق أهل الباطل على شيء، فمن باب أولى اتفاق أهل الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>