للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل١: إنما توعّد على مشاقة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وترك اتباع سبيل المؤمنين معًا، أو على ترك أحدهما بشرط ترك الآخر، فالتارك لأحدهما بمفرده لا يلحق به الوعيد.

ومن وجه آخر: وهو أنه إنما ألحق الوعيد لتارك سبيلهم إذا بان له الحق فيه؛ لقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} والحق -في هذه المسألة- من جملة "الهدى" فيدخل فيها.

ويحتمل: أنه توعد على ترك سبيلهم فيما صاروا فيه مؤمنين.

ويحتمل: أنه أراد بالمؤمنين: جميع الأمة إلى قيام الساعة، فلا يحصل الإجماع بقول أهل عصر.

ولأن المخالف من جملة المؤمنين، فلا يكون تاركًا لاتباع سبيلهم بأسرهم.

ولو قدر أنه لم يرد شيء من ذلك، غير أنه لا ينقطع الاحتمال، والإجماع أصل لا يثبت بالظن٢.

قلنا٣: التوعد على الشيئين يقتضي أن يكون الوعيد على كل واحد منهما منفردًا، أو بهما معًا.

ولا يجوز أن يكون لاحقًا بأحدهما معينًا، والآخر لا يلحق به


١ بدأ المصنف يورد الاعتراضات التي قالها المخالفون على الاستدلال بالآية الكريمة.
٢ خلاصة هذا الاعتراض: أن النص ليس بقاطع، لأن قوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِين} يحتمل وجوهًا كثيرة، منها ما ذكره، إذا وجد الاحتمال لم يكن النص قطعيًّا، وإنما كان ظنيًّا، والإجماع أصل من الأصول العامة فلا يثبت بطريق الظن.
٣ بدأ المصنف يرد على الاعتراضات السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>