للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعيد، كقول القائل: "من زنا أو شرب ماء عوقب".

وهذا لا يدخل في القسم الثاني١ لأن مشاقة الرسول بمفردها تثبت العقوبة، فثبت أنه من القسم الأول٢.

وأما الثاني٣: فلا يصح؛ فإنه توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين مطلقًا من غير شرط.

وإنما ذكر تبين الهدي عقيب قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ} وليس بشرط لإلحاق الوعيد على مشاقة الرسول اتفاقًا، فلأن لا يكون شرطًا لترك اتباع سبيل المؤمنين -مع أنه لم يذكر معه- أولى.

وأما الثالث٤: فنوع تأويل، وحمل اللفظ على صورة واحدة.

"وأما الرابع٥: فإن مطلق الاحتمال لا يؤثر في نفس كونه من الأدلة


١ وهو: أن يكون على كل منهما معًا.
٢ وهو: أن يكون الوعيد على كل منهما منفردًا.
٣ أي الرد على الاعتراض الثاني وهو قوله: "أنه إنما ألحق الوعيد لتارك سبيلهم إذا بان له الحق" وخلاصة الرد بوجهين:
أحدهما: لا نسلم أن كل ما كان شرطًا في المعطوف عليه أن يكون شرطًا في المعطوف، لأن العطف لا يقتضى سوى التشريك في مقتضى العامل إعرابًا ومدلولًا.
ثانيهما: لو سلمنا أن الشرط في المعطوف عليه شرط في المعطوف، فإن ذلك لا يضرنا، فإنه لا نزاع في أن "الهدى" المشروط في تحريم المشاقة إنما هو دليل التوحيد والنبوة، لا أدلة الأحكام الفرعية، فيكون "الهدى" شرطًا في اتباع غير سبيل المؤمنين ونحن نسلم به.
٤ أي الاعتراض الثالث: وهو: "ويحتمل أنه توعد على ترك سبيلهم فيما صاروا به مؤمنين".
٥ أي الاعتراض الرابع وهو قوله "ولو قدر أنه لم يرد شيء من ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>