للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الأخبار لم تزل ظاهرة مشهورة في الصحابة والتابعين، لم يدفعها أحد من السلف والخلف.

وهي وإن لم تتواتر آحادها، حصل لنا بمجموعها العلم الضروري: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عظم شأن هذه الأمة، وبين عصمتها عن الخطأ١.

وبمثل ذلك نجد أنفسنا مضطرين إلى تصديق شجاعة "علي" وسخاء "حاتم" ٢ وعلم "عائشة"، وإن لم يكن آحاد الأخبار فيها متواترًا، بل يجوز على كل واحد منها الكذب لو جرّدنا النظر إليه، ولا يجوز على المجموع.

ويشبه ذلك: ما يحصل فيه العلم بمجموع قرائن آحادها لا ينفك عن الاحتمال، ويحصل بمجموعها العلم الضروري.

ومن وجه آخر٣.


خلاصة ما يريده المصنف من ذلك: أن هذه الأخبار الكثيرة التي أوردها على حجية الإجماع ظاهرة ومشهورة عند الصحابة والتابعين، وهي وإن كانت لم تبلغ حد التواتر اللفظي، إلا أنها إذا انضم بعضها إلى بعض وصلت إلى التواتر المعنوي، كتواتر شجاعة "علي" -رضي الله عنه- وجود "حاتم الطائي" وعلم السيدة "عائشة" أم المؤمنين -رضي الله عنها- فهذه الأخبار لو كانت منفردة لجاز عليها الكذب، بخلاف ما لو كانت مجتمعة فإنها تفيد العلم الضروري.
٢ هو: حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج، المشهور بحاتم الطائي، نسبة إلى قبيلة "طيئ" كان جوادًا مشهورًا بالكرم، شاعرًا جيد الشعر، مات سنة ٤٥ قبل الهجرة.
انظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة "١/ ٢٤١" تهذيب ابن عساكر "٣/ ٣٢٠ وما بعدها".
٣ خلاصة ذلك: أن المصنف يريد أن يقول: إن دلالة الأحاديث المتقدمة على حجية الإجماع من ثلاثة وجوه:

<<  <  ج: ص:  >  >>