للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافًا لداود١، وقد أومأ أحمد -رحمه الله- إلى نحو ذلك٢، لأن الواجب: اتباع سبيل المؤمنين جميعهم، والصحابة وإن ماتوا: لم يخرجوا من المؤمنين ولا من الأمة.

ولذلك: لو أجمع التابعون على أحد قولي الصحابة، لم يصر إجماعًا، ولا ينعقد الإجماع دون الغائب، فكذلك الميت٣.

ومقتضى هذا٤ أن لا ينعقد الإجماع -أيضًا- للصحابة، لكن لو


١ هو: داود بن على بن خلف، الأصبهاني أصلًا، الكوفي مولدًا، البغدادي نشأة ووفاة، إمام أهل المذهب الظاهري، ولد سنة ٢٠٢هـ.
من مؤلفاته "إبطال القياس" توفي سنة ٢٧٠هـ.
انظر: وفيات الأعيان "٢/ ٢٦" شذرات الذهب "٢/ ١٥٨".
٢ أي أن الرواية الثانية عن الإمام أحمد أنه مع أهل الظاهر في أن إجماع الصحابة فقط هو الحجة، وإن كانت الرواية ليست صريحة كالرواية الأولى، وإن كان يعتبر في الإجماع الغائب دون الميت، خلافًا للظاهرية.
٣ انظر: الإحكام للآمدي "١/ ٢٥٦" والمستصفى "١/ ١٩٢".
٤ هذا اعتراض توقع الظاهرية وروده عليهم، فذكروه ثم ردوا عليه، وخلاصة الاعتراض: أن يقول لهم قائل: يلزم على دليلكم أن لا ينعقد إجماع بعد موت بعض الصحابة، مثل: سعد بن معاذ، وحمزة بن عبد المطلب وغيرهما ممن استشهدوا من المهاجرين والأنصار، ممن كانوا موجودين عند نزول قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} فإن إجماع، من وراءهم ليس إجماع جميع المؤمنين، ولا إجماع كل الأمة، كما يلزم على ذلك -أيضًا- أن لا يعتد بخلاف من أسلم بعد نزول الآية الكريمة.
فأجابوا عن ذلك بقولهم: نعم لو اعتبرنا ذلك لم ينعقد إجماع قط، فلم ينتفع بالإجماع، لذلك نعتبر قول من دخل في الوجود دون من لم يوجد، بمعنى: أنهم فرقوا بين السابق وهو الميت، وبين اللاحق، فإن الميت ثبت قوله واستقر ورتبت عليه الأحكام، بخلاف اللاحق، فإنه لم يوجد بعد، فضلًا عن أن يكون له اجتهاد. انظر: نزهة الخاطر "١/ ٣٧٣" والمستصفى "٢/ ٣٥٥ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>