للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنه لو استدل الصحابة بدليل، وعللوا بعلة: جاز الاستدلال والتعليل بغيرهما؛ لأنهم لم يصرحوا ببطلانه، كذا هنا.

الثالث: أنهم لو اختلفوا في مسألتين، فذهب بعضهم إلى الجواز فيهما، وذهب الآخرون إلى التحريم فيهما: فذهب التابعي إلى التجويز في إحدهما، والتحريم في الأخرى: كان جائزًا، وهو قول ثالث.

ولنا:

أن ذلك يوجب نسبة الأمة إلى تضييع الحق، والغفلة عنه؛ فإنه لو كان الحق في القول الثالث: كانت الأمة قد ضيعته وغفلت عنه، وخلا العصر من قائم لله بحجته، ولم يبق منهم عليه أحد وذلك محال. وقولهم١: "لم يصرحوا بتحريم قول ثالث".

قلنا: ولو اتفقوا على قول واحد، فهو كذلك، ولو لم يجوّزوا خلافهم.

فأما إذا عللوا بعلة، فيجوز بسواها؛ لأنه ليس من فرض دينهم


= ومن أمثلة الثاني: اختلاف العلماء في جواز أكل متروك التسمية، فقال بعضهم: يحل أكله، سواء أكان عمدًا أم سهوًا، وقال البعض: لا يحل مطلقًا فالقول بأنه إن كان الترك عمدًا فلا يحل، وإن كان سهوًا فهو حلال، يعتبر قولًا ثالثًا، ولا حرج فيه.
ويبدو -والله أعلم- رجحان هذا المذهب.
يراجع في هذه المسألة: المحصول للرازي "٢/ ١/ ١٧٩ وما بعدها" الإحكام للآمدي "١/ ٢٦٩-٢٧٠"، مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد "٢/ ٣٩"، المحلى على جمع الجوامع "٢/ ١٩٨" شرح الكوكب المنير "٢/ ٢٦٤ وما بعدها" شرح مختصر الروضة "٣/ ٨٨ وما بعدها".
١ أي القول الثاني، وهو جواز إحداث قول ثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>