للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاطلاع على جميع الأدلة، بل يكفيهم معرفة الحق بدليل واحد، وليس على الاطلاع على علة أخرى نسبة إلى تضييع الحق، بخلاف مسألتنا.

وأما إذا اختلفوا في مسألتين فإنهم: إن صرحوا بالتسوية بين المسألتين: فهو كمسألتنا، لا يجوز التفريق.

وإن لم يصرحوا به: جاز التفريق، لأن قوله في كل مسألة موافق لمذهب طائفة.

ودعوى المخالفة للإجماع ههنا جهل بمعنى المخالفة، إذ المخالفة: نفي ما أثبتوه، أو إثبات ما نفوه، ولم يتفق أهل العصر على إثبات أو نفي، في حكم واحد، ليكون القول بالنفي والإثبات مخالفًا، ولا يلتئم الحكم من المسألتين، بل نقول: لا يخلو الإنسان من خطأ ومعصية، والخطأ موجود من جميع الأمة، وليس محالًا، إنما المحال: الخطأ بحيث يضيع الحق حتى لا تقوم به طائفة.

ولهذا: يجوز أن تنقسم الأمة في مسألتين إلى فريقين، فتخطئ فرقة في مسألة، وتصيب فيها الأخرى، وتخطئ في المسألة الأخرى، وتصيب فيها المخطئة الأولى٢. والله أعلم.


١ حاصل ذلك: الرد على ما استدل به أصحاب المذهب الثاني من قولهم:
"الثاني: لو استدل الصحابة بدليل ... إلخ" وخلاصته: أن ما ذكروه قياس مع الفارق، فهناك فرق بين استنباط الحكم، وبين الدليل والتعليل، فإن الحكم يجوز إثباته بدليلين أو علتين، ويخفى أحدهما على أهل العصر الأول، ويظهر لأهل العصر الثاني، وليسوا متعبدين بالاطلاع على جميع الأدلة والعلل؛ لأنها وسائل لا مقاصد، وليس في اطلاعهم على علة أخرى، أو دليل آخر نسبة إلى تضييع الحق.
انظر: شرح مختصر الطوفي "٣/ ٩٠".
٢ خلاصة هذا كله: أن الأصوليين اختلفوا في انقسام الأمة إلى قسمين في =

<<  <  ج: ص:  >  >>