للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المجاز وعلاقاته]

وأما المجاز: فهو اللفظ المستعمل في غير موضوعه على وجه يصح.

ثم إنه إنما يصح بأمور:

أحدها: اشتراكهما١ في المعنى المشهور في محل الحقيقة، كاستعارة لفظ "الأسد" في الرجل الشجاع؛ لاشتهار الشجاعة في الأسد الحقيقي.

ولا تصح استعارة "الأسد" في الرجل الأبخر، وإن كان البخر موجودًا في محل الحقيقة؛ لكونه غير مشهور به.

والثاني: بسبب المجاورة غالبًا، كتسمية المزادة٢: راوية، باسم الجمل الحامل لها؛ لتجاورهما في الأعم الأغلب.


١ أي الحقيقة والمجاز. ومعنى ذلك: أنه يشترط وجود علاقة -بكسر العين- بين الحقيقة والمجاز، وهي: ما ينتقل الذهن بواسطتها عن محل المجاز إلى الحقيقة، كالشجاعة التي ينتقل الذهن بواسطتها عن الرجل الشجاع إلى السبع المفترس، إذ لولا هذه العلاقة لما صح التجوز.
وقد أورد المصنف أربعة أنواع من العلاقات أولها: المشابهة بن الحقيقة والمجاز، واشترط لهذا النوع أن تكون هذه الصفة مشهورة وظاهرة يسرع الفهم إليها عند الإطلاق، حرصًا على سرعة التفاهم، كما في استعارة "الأسد" للرجل الشجاع؛ لأن الشجاعة صفة ظاهر في هذا الحيوان، بخلاف ما إذا كانت خفية كالبخر، وهو: الريح المنتنة؛ فإنها وإن كانت موجودة في الأسد، إلا أنها خفية، لا يكاد يعلمها إلا القليل من الناس، ولذلك لا تطلق على الإنسان الأبخر، لعدم شهرة ذلك.
٢ المزادة: وعاء الماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>