وإذا جازت التقوية بالظاهر -كما تقدم- فإنها تكون بالنص أقوى وأقوى. ومن أمثلة ذلك: قوله -عليه الصلاة والسلام- في شاة ميمونة: "ألا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به؟ " فقالوا: إنها ميتة. قال: "إنما حرم من الميتة أكلها". فهذا نص في طهارة جلد الميتة. ومثال التقوية بالقياس: تركه -سبحانه وتعالى- ذكر الإطعام في كفارة القتل الخطأ في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطًَا وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطًَا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} إلى أن قال سبحانه: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: ٩٢] فقد حددت الآية الكريمة الكفارة في تحرير الرقبة أو صيام شهرين متتابعين، ولم تذكر الإطعام كما في الظهار، فترك الإطعام ظاهر في عدم وجوبه، إذ لو كان واجبًا لذكر، هذا مع احتمال أن يكون مسكوتًا عنه، يستخرجه المجتهدون، ثم رأينا إثبات الطعام في كفارة القتل، بالقياس على إثباته في كفارة الظهار، والصيام، واليمين متجهًا؛ لأن الكفارات حقوق لله تعالى، وحكم الأمثال واحد، فثبوت الإطعام في تلك الكفارات تنبيه على ثبوته في كفارة القتل. انظر: شرح مختصر الروضة "١/ ٥٦٤ وما بعدها". وأقول: في المثال الأخير نظر؛ فإن القياس في الكفارات مختلف فيه بين العلماء، وهو راجع إلى قضية حمل المطلق على المقيد، وأرى -والله أعلم بالصواب- أن الراجح هنا عدم حمل المطلق على المقيد، وأن التشديد في كفارة القتل ملحوظ =