للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان من المحتمل موت السبع دونه، ولو فتح هذا الباب: لم يتصور امتثال أمر.

قلنا: هذا يلزمكم، ومذهبكم يفضي إليه، وما أفضي إلى المحال محال١.

وأما الهرب: فحزم، وأخذ بالأسوأ من الأحوال، ويكفي فيه الاحتمال البعيد والشك، فإن من شك في سبع في الطريق، أو لص: حسن منه الاحتراز عنه.

وأما الوجوب: فلا يثبت بالشك والاحتمال، بل ينبغي أن من أعرض عن الصوم لم يكن عاصيًا؛ لأنه أخذ بالاحتمال الآخر.

وقولهم٢: "الأمر طلب، وطلب المستحيل من الحكيم محال".

قلنا: الأمر إنما هو قول الأعلى لمن دونه: "افعل" مع تجردها عن القرائن، وهذا متصور مع علمه بالاستحالة٣.

وعلى أنا لو سلمنا أن الأمر طلب، فليس الطلب من الله -تعالى- كالطلب من الآدميين؛ وإنما هو استدعاء فعل لمصلحة العبد، وهذا يحصل مع الاستحالة؛ لكي يكون توطئة للنفس على عزم الامتثال، أو الترك؛ لطفًا به في الاستعداد، والانحراف عن الفساد، وهذا متصور.

ويتصور من السيد -أيضًا- أن يستصلح عبده بأوامر ينجزها عليه،


١ خلاصة رد المصنف على المعتزلة: أن هذا يلزمكم، حيث قلتم: إن الظاهر بقاؤه، ونحن نقول بلزوم الشروع في نحو صوم رمضان، فما كان جوابًا لكم، فهو جواب لنا أيضًا.
٢ أي: قول المعتزلة.
٣ وتكون الحكمة: هي اختبار المأمور، هل سيأخذ في الأسباب أو لا؟ فيكون ذلك دليلًا على الامتثال أو المخالفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>