للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليل آخر:

أن أهل اللسان فرقوا بين الآحاد، والتثنية، والجمع، وجعلوا لكل واحد من هذه المراتب لفظًا وضميرًا مختصًّا به، فوجب أن يغاير الجمع التثنية، كمغايرة التثنية الآحاد.

ولأن الاثنين لا ينعت بهما الرجال والجماعة في لغة أحد، فلا تقول: رأيت رجالًا اثنين، ولا جماعة رجلين، ويصح أن يقال: ما رأيت رجالًا، وإنما رأيت رجلين، ولو كان حقيقة فيه لما صح نفيه.

وأما ما احتجوا به فغايته: أنه جاز التعبير بأحد اللفظين عن الآخر مجازًا، كما عبر عن الواحد بلفظ الجمع في قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُم} ١ و {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْر} ٢.

ثم إن "الطائفة" و"الخصم" يقع على الواحد والجمع، والقليل والكثير، فرد الضمير إلى الجماعة الذين اشتمل عليهم لفظ "الطائفة" و"الخصم".

وأما قوله: "الاثنان ... جماعة" فأراد في حكم الصلاة، وحكم انعقاد الجماعة، لأن كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- يحمل على الأحكام، لا على بيان الحقائق٣.


١ سورة آل عمران من الآية "١٧٣" والمراد بلفظ "الناس" الأول: ركب عبد القيس، وبالثاني: أبو سفيان وقومه.
٢ سورة الحجر من الآية "٩".
٣ ويؤيد ذلك رواية الإمام أحمد في المسند "٥/ ٢٥٤" عن أبي أمامة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلًا يصلي، فقال: "ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه" فقام رجل يصلي معه فقال: "هذان جماعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>