للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الجمع مشتق من جمع الشيء إلى الشيء وضمه إليه، وهذا يحصل في الاثنين.

ولنا: ما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال لعثمان، رضي الله عنه: "حَجبتَ الأم بالاثنين من الإخوة، وإنما قال الله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُس} ١، وليس الأخوان بإخوة في لسانك، ولا في لسان قومك؟ "

فقال له عثمان: "لا أنقض أمرًا كان قبلي، وتوارثه الناس، ومضى في الأمصار"٢، فعارضه على أنه في لسان العرب ليس بحقيقة في الاثنين، وإنما صار إليه للإجماع.


١ سورة النساء من الآية "١١".
٢ أخرجه الحاكم في المستدرك: كتاب الفرائض، باب ميراث الإخوة من الأب والأم، ثم قال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير "٣/ ٨٥" فقال: "وفيه نظر، فإن فيه شعبة مولى ابن عباس، وقد ضعفه النسائي".
كما أخرجه البيهقي في سننه الكبرى: كتاب الفرائض -باب فرض الأم- قال أبو يعلى في العدة "٢/ ٦٥١": "وهذا يدل على أن أقل الجمع ثلاثة؛ لأن ابن عباس قاله، وأقره عثمان عليه، وإنما صرفه عنه بالإجماع الذي ذكره".
وقد بين الشيخ "ابن قدامة" في كتابه "المغني ٩/ ١٩" أن خلاف ابن عباس في ذلك لا يعول عليه؛ لأنه في مخالفة الإجماع- فقال: "ولنا: قول عثمان هذا". فإنه يدل على أنه إجماع ثم قبل مخافة ابن عباس؛ ولأن كل حجب تعلق بعدد كان أوله اثنين كحجب البناتِ بناتِ الابن، والأخوات من الأبوين الأخوات من الأب، والإخوة تستعمل في الاثنين، قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن} [النساء: ١٧٦] وهذا الحكم ثابت في أخ وأخت".

<<  <  ج: ص:  >  >>