للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القتيبي١: يقال: "صمت الشهر كله إلا يومًا واحدًا، ولا يقال: صمت الشهر إلا تسعة وعشرين يومًا" ويقول: "لقيت القوم جميعهم إلا واحدًا أو اثنين"، ولا يجوز أن يقول: "لقيت القوم إلا أكثرهم".

إذا ثبت أنه ليس من اللغة: فلا يقبل.

ولو جاز هذا: لجاز في كل ما كرهوه وقبحوه.

وأما الآية التي احتجوا بها: فقد أجيب عن احتجاجهم بها بأجوبة.

منها: أنه استثناء في إحدى الآيتين المخلصين من بني آدم وهم الأقل.

وفي الأخرى: استثناء الغاوين من جميع العباد وهم الأقل، فإن الملائكة من عباد الله، قال الله تعالى: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} ٢ وهم غير غاوين٣.

ومنها: أنه استثناء منقطع في قوله تعالى: {إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} ٤ بمعنى "لكن" بدليل أنه قال في آية أخرى: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ ... } ٥


١ هو: عبد الله بن مسلم، المشهور بابن قتيبة. تقدمت ترجمته.
٢ سورة الأنبياء من الآية "٢٦".
٣ لم يرتض الطوفي هذه الإجابة وقال: إنها ضعيفة؛ لأن المحاورة إنما وقعت في ذرية آدم، فلا يصح ضم الملائكة إليهم، حتى يكون الغاوون بالنسبة إليهم مع ذرية آدم قليلًا. انظر: "شرح المختصر ٢/ ٦٠٢".
٤ الحجر: ٤٢.
٥ سورة إبراهيم من الآية "٢٢" ولم يرتضه الطوفي أيضًا. ثم قال: "والجواب الصحيح عن الآية هو: أنا نمنع من استثناء الأكثر إذا صرح بعدد المستثنى منه، أما إذا لم يصرح به، فهو جائز باتفاق، كما إذا قال: خذ ما في هذا الكيس من =

<<  <  ج: ص:  >  >>