للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلولا معرفتنا أن الآية سيقت للتعظيم للوالدين؛ لما فهمنا منع القتل، إذ قد يقول السلطان، إذا أمر بقتل ملك لمنازعته له في ملكه: اقتله، ولا تقل له: أف.

ويسمى مفهوم الموافقة، وفحوى اللفظ.

واختلف أصحابنا في تسميته قياسًا.

فقال أبو الحسن الجزري١ وبعض الشافعية: هو قياس؛ لأنه إلحاق المسكوت بالمنطوق في الحكم، لاجتماعهما في المقتضى، وهذا هو القياس٢.

وإنما ظهر فيه المعنى، فسبق إلى الفهم من غير تأمل، فأشبه القياس فيما ظهرت العلة فيه بنص أو غيره٣، مثل: قياس الجوع المفرط على الغضب في المنع من الحكم؛ لكونه يمنع كمال الفكر٤.

وقياس الزيت على السمن في حكم النجاسة إذا وقعت فيه، في حال جموده، أو كونه مائعًا بغير الفأرة٥.


١ تقدمت ترجمته.
٢ ويسمى قياس الأولى، أو مفهوم الموافقة.
٣ معناه: لو قيل: إن القياس يحتاج إلى تأمل واستنباط علة، وهذا ليس كذلك، فأجاب المصنف عن هذا بقوله: "وإنما ظهر فيه المعنى إلخ".
٤ روى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، من حديث أبي بكر نفيع بن الحارث، أن رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- قال: "لا يقضي القاضي وهو غضبان". فيقاس عليه كل ما يؤدي إلى اضطراب الخاطر، وضعف إدراك الحكم، كالجوع المفرط ونحوه.
٥ روى البخاري وأبو داود وغيرهما عن سفيان بن عيينة، حدثنا الزهري، أخبرني عبيد الله بن عبد الله أنه سمع ابن عباس يحدث عن ميمونة أن فأرة وقعت في سمن، فماتت، فسئل عنها رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- فقال: "ألقوها وما حولها وكلوه". =

<<  <  ج: ص:  >  >>