للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاضي أبو يعلى، والحنفية، وبعض الشافعية، ليس بقياس١، إذ هو مفهوم من اللفظ من غير تأمل ولا استنباط، بل يسبق على الفهم حكم المسكوت مع المنطوق من غير تراخ، إذا كان هو الأصل في القصد، والباعث على النطق، وهو أولى في الحكم.

ومن سماه قياسًا: سلم أنه قاطع، فلا تضره تسميته قياسًا٢

وقد يلتحق بهذا الفن ما يشبهه٣ من وجه، ولا يفيد القطع، كقولهم: "إذا ردت شهادة الفاسق، فالكافر أولى؛ لأن الكفر فسق وزيادة" فهذا ليس بقاطع، إذ لا يبعد أن يقال: الفاسق متهم في دينه، والكفار يحترز من الكذب لدينه.

وأما الفاسد من هذا الضرب٤: فنحو قولهم: "إذا جاز السلم في


= وجاء في المصنف لعبد الرزاق "٢٧٨" وأبو داود "٣٨٤٢" وابن حبان "١٣٩٤" عن معمر عن الزهري، عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال: سئل النبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- عن الفأرة تقع في السمن، قال: "إذا كان جامدًا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعًا لا تقربوه". فيقاس الزيت على السمن في التنجيس، بوقوع النجاسة فيه، بجامع السراية. انظر: شرح الطوفي "٢/ ٧١٧".
١ وسماه الحنفية "دلالة النص" انظر: كشف الأسرار "١/ ٧٣".
٢ قال الطوفي -بعد أن ذكر أدلة الفريقين- قلت: دليل المسألة متجاذب، وكأن ما قاله الآمدي أرجح" شرح المختصر "٢/ ٧٢٠" فكأنه يريد أن يقول: إن الخلاف في المسألة خلاف لفظي، وإن كان يرجح ما ذهب إليه القائلون بأن هذا المفهوم ليس من باب القياس، وإنما هو من قبيل فحوى الدلالة اللفظية.
٣ معناه: أن مفهوم الموافقة ينقسم إلى قطعي في دلالته، كما تقدم في تحريم سائر أنواع الإيذاء من النهي عن التأفيف، وإلى ظني غير قطعي، كالأمثلة التي ذكرها المصنف، من رد شهادة الكافر وغيره.
٤ معناه: أن مفهوم الموافقة إما قاطع وإما ظني، كما تقدم، وإما فاسد، كالمثال الذي ذكره وهو السلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>