للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضرب الثاني: تنقيح١ المناط:

وهو: أن يضيف الشارع الحكم إلى سببه، فيقترن به أوصاف لا مدخل لها في الإضافة، فيجب حذفها عن الاعتبار، ليتسع الحكم.

ومثاله: قوله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- للأعرابي الذي قال: هلكتُ يا رسول الله. قال: "مَا صَنَعتَ؟ " قال: وقعت على أهلي في نهار رمضان. قال: "أَعْتِقْ رَقَبةً" ٢.

فنقول: كونه أعرابيًّا: لا أثر له٣ فيلحق به "التركي" و"العجمي"، لعلمنا أن مناط الحكم: وقاع مكلف، لا وقاع الأعرابي، إذ التكاليف تعم الأشخاص، على ما مضى٤.

ويلحق به: من أفطر بوقاع في رمضان آخر؛ لعلمنا أن المناط: حرمة رمضان، لا حرمة ذلك الرمضان٥.


١ التنقيح في اللغة: التخليص والتهذيب، يقال: نَقَّحْتُ العظم: إذا استخرجت مخه، ونقّحت الشيء: خلصت جيده من رديئه. انظر: المصباح المنير مادة "نقح".
وأما في الاصطلاح: فهو إلغاء بعض الأوصاف التي أضاف الشارع الحكم إليها لعدم صلاحيتها للاعتبار في العلة. انظر: شرح الطوفي "٣/ ٢٣٧".
٢ حديث صحيح: أخرجه البخاري: كتاب الصوم، باب إذا جامع في رمضان لم يكن له شيء، عن أبي هريرة مرفوعًا، ومسلم: كتاب الصيام، باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم.
كما أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه والشافعي وغيرهم. انظر: تلخيص الحبير "٢/ ٢٠٦".
٣ فلا يخيل للسامع أن علة الكفارة هي مجموع كونه أعرابيًّا جامع في نهار رمضان.
٤ في باب العموم.
٥ الذي وقع فيه الجماع في حياة الرسول، صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>