للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكون الموطوءة منكوحة: لا أثر له، فإن الزنا أشد في هتك الحرمة.

فهذه إلحاقات معلومة تبنى على مناط الحكم، بحذف ما علم بعادة الشرع في مصادره وموارده وأحكامه: أنه لا مدخل له في التأثير.

وقد يكون بعض الأوصاف مظنونًا، فيقع الخلاف فيه كالوقاع، إذ يمكن أن يقال: مناط الكفارة: كونه مفسدًا للصوم المحترم، والجماع آلة الإفساد، كما أن السيف آلة للقتل الموجب للقصاص، وليس هو من المناط، كذا ههنا١.

ويمكن أن يقال: الجماع مما لا تنزجر النفس عنه عند هيجان الشهوة بمجرد وازع الدين، فيحتاج إلى كفارة وازعة، بخلاف الأكل.

والمقصود: أن هذا نظر في تنقيح المناط بعد معرفته بالنص، لا بالاستنباط، وقد أقر به أكثر منكري القياس.


١ يعني: أنه قد تكون علة الحكم ظنية، فتختلف فيها الأنظار، مثل: هل العلة في الكفارة خصوص الجماع في نهار رمضان، أو عموم إفساد الصوم، كالأكل والشرب؟ خلاف بين العلماء:
فأبو حنيفة ومالك يرون أن الأكل والشرب كالجماع في وجوب الكفارة، بل هما أولى من الجماع؛ لأنهما مادة الجماع وسببه المقوي عليه، ووسيلته المتوصل بها إليه، إذ الجائع لا يستطيعه، والشبعان ينشط له، فكان إيجاب الكفارة بالأكل والشرب من باب: سد الذرائع، وحسم مواد الفساد.
والشافعي وأحمد يقولان: لا كفارة إلا بخصوص الجماع، لأن النفس لا تنزجر عنه عند هيجان الشهوة بمجرد الوازع الديني، فاحتيج فيه إلى زيادة في الوازع وهي الكفارة. انظر: شرح الطوفي "٣/ ٢٤٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>