للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواهما، ثم أفسد أحدهما علة صاحبه: كان ذلك دليلًا على صحة علته.

وليس بصحيح؛ فإن اتفاقهما ليس بدليل على فساد قول من خالفهما.

والذي فسدت علته منهما يعتقد فساد علة خصمه الحاضر، كاعتقاد فساد علة الغائب، فيتساوى عنده الأمر فيهما.

فلا يتعين عنده صحة إحداهما، ما لم يكن الحكم مجمعًا على تعليله، ويبطل ما قيل: إنه علة١. والله أعلم.


١ خلاصة ذلك: أنه لا يكفي المستدل في إفساد الوصف الذي أبرزه المعترض كونه منتقضًا، بل يوجد بدون الحكم؛ لأن الوصف المذكور قد يكون جزء العلة أو شرطًا لها، والعلة لا تصح بدون جزئها أو شرطها.
مثال ذلك: قول المستدل: علة الربا في البر: الكيل، فعارضه المعترض بالطعم، فنقضه المستدل بالماء أو غيره مما يطعم ولا ربا فيه فلو قال المستدل ذلك لم يكف في بطلان كون الطعام هو العلة؛ لجواز أن يكون الطعم جزء علة الربا، بأن تكون العلة مجموع الكيل والطعم، أو شرطًا لها، فتكون علة الربا: الكيل بشرط أن يكون المكيل مطعومًا.
كذلك لا يكفي المستدل أن يقول: إني بحثت في علتك التي أبرزتها فلم أعثر فيها على مناسبة بينها وبين الحكم؛ لأن للمعترض أن يقول مثل هذا الكلام، فيتعارض الكلامان، ويقف المستدل، وتنقطع حجته.
فإن رد المستدل على خصمه هذا الكلام، وبين صلاحية الوصف الذي أثبته، أو سلم له الخصم بذلك، كفاه ذلك ابتداء، بدون حاجة إلى السبر، لأنه يكون تطويلًا بلا فائدة. وهذا رأي بعض العلماء واختاره المصنف.
وقال بعض أصحاب الشافعي: يكفيه ذلك؛ لأن الظاهر من حاله أنه صادق، وهو أهل للنظر، فيقبل قوله.
ثم تطرق المصنف إلى صورة أخرى متعلقة بالسبر، وهي: إذا اتفق خصمان على =

<<  <  ج: ص:  >  >>