حكى المصنف عن بعض المتكلمين أن ذلك يعتبر دليلًا على صحة علته. ثم رد على ذلك بأنه غير صحيح؛ لأن اتفاقهما على فساد علة غيرهما لا يقتضي فسادها في نفس الأمر، بل في اعتقادهما، وهو لا يؤثر بالنسبة إلى غيرهما، إذ غيرهما يعتقد فساد علتهما، كالمالكي يعتقد فساد التعليل بالكيل والطعم، ويدّعي علة القوت، فيتعارض اعتقادهما واعتقاده، وكذلك كل منهما يعتقد فساد علة غيره من حاضر وغائب، فليس أحدهما بأولى من الآخر. انظر: شرح مختصر الطوفي "٣/ ٤٠٩-٤١٠". ١ يسمى هذا النوع بالدوران، وهو في اللغة: مصدر دار يدور دورانًا، إذا تحرك حركة دورية كالدولاب والرحا. أما في الاصطلاح فهو: ترتب حكم على وصف وجودًا وعدمًا، أو: وجود الحكم بوجود العلة، وعدمه بعدمها. وسماه الآمدي وابن الحاجب: الطرد والعكس. وهو بمعناه. وفي كونه علة خلاف بين العلماء: فالجمهور يرون أنه حجة، لكنهم مختلفون في نوع هذه الحجية، فقال بعض المعتزلة: إنها حجة قطعية. وقال بعض ومنهم أبو بكر الباقلاني: إنها ظنية. وذهب بعض العلماء إلى عدم حجيته، وعلى ذلك أكثر الحنفية، والآمدي، وابن الحاجب وغيرهم. وقال قوم: إنه يفيد العلية ظنًا إذا انضم إليه السبر المتقدم. انظر: المعتمد "٢/ ٨٤٣"، الإحكام للآمدي "٣/ ٤٣٠"، شرح العضد على المختصر "٢/ ٢٤٥"، شرح الكوكب المنير "٤/ ١٩١".