للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاصل هذا:

أنه لا يخلو: إما أن يمنع على مذهب إمامه، أو على خلافه.

فالأول باطل، لعلمنا أنه على خلافه.

والثاني باطل؛ فإنه تصدى لتقرير مذهبه، فتجب مؤاخذته به. ثم لو صح هذا: لما تمكن أحد الخصمين من إلزام خصمه حكمًا على مذهبه غير مجمع عليه؛ لأنه لا يعجز عن منعه١.

الثاني: أنا لو حصرنا القياس في أصل مجمع عليه بين الأمة: أفضى إلى خلو كثير من الوقائع عن الأحكام، لقلة القواطع، وندرة مثل هذا القياس٢.


١ سبق أن قلنا: إن المصنف يرى أنه يكفي أن يكون حكم الأصل منصوصًا أو مجمعًا عليه بين الخصمين. المذهب الثاني: عدم اشتراط ذلك، والمذهب الثالث: يشترط اتفاق الأمة ولا يكفي اتفاق الخصمين وأورد المصنف دليلهم على ذلك، ثم بين هنا أن ذلك لا يصح لوجهين:
خلاصة الوجه الأول: أن كلًّا من المستدل والمعترض مقلد لإمامه، فلا يجوز لأي واحد منهما منع حكم ثبت كونه مذهبًا لإمامه، لعدم معرفة كل من المستدل والمعترض مأخذ إمامه في إثبات الحكم.
ولو فرض أن أحدهما -المستدل أو المعترض- عرف مأخذ إمامه، فلا يلزم من عجز أحدهما عن تقرير مذهب إمامه فساد مذهبه، لاحتمال قصور المستدل أو المعترض، خاصة وأن المقلد يعتقد صحة مذهب إمامه، كما يحتمل أن يكون إمامه لم يثبت الحكم في الفرع لوجود مانع، أو فقدان شرط من الشروط.
ولم يتعرض المصنف لحالة ما إذا كان المعترض مجتهدًا فإنه يشترط الإجماع؛ لأنه ليس مقتديًا بإمام، فإذا لم يكن الحكم مجمعًا عليه ولا منصوصًا عليه جاز منعه. انظر: إرشاد الفحول جـ٢ ص١٥٣-١٥٤.
٢ هذا هو الوجه الثاني من الوجهين اللذين رد بهما المصنف على من اشترط اتفاق الأمة. وهو واضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>